أمير قطر والعدوان
كنت ساكتب عن التحركات المتصلة والدؤوبة التي قام بها وما زال الرئيس ابو
مازن لوقف العدوان الصهيوني الوحشي على غزة من دعوات متكررة للحوار
والوحدة الوطنية دون شروط، الى الدعوات واللقاءات والاتصالات مع جميع
الاطراف في الامة العربية والاسلامية والعالم الى اعتبار المفاوضات
متوقفة، والى استنهاض الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة وكل مكان
لهبة جماهيرية ومقاومة ترفض وتدحر العدوان.
كنت ساكتب مفصلا عما يعنيه مثل هذا التحرك من رئيس دولة ومناضل وانسان
وهب حياته للقضية الفلسطينية والديمقراطية فلم يلقى من الخصوم الا
التشكيك والاتهام والتجريج عدا الغمز واللمز الذي أتقنه أعداءه من
الاسرائيليين أو ممن يدعون العروبة او الاسلام .
اقول كنت ولكن الحدث الجلل -الذي منعني من الكتابة في هذا الموضوع- هو
ظهور امير السيلية يدعو الامة للاجتماع ويدعوها ان تشحد ارادتها
عبر عقد قمة للجامعة العربية تاخذ قرارات حاسمة لتنقذ غزة من العدوان
الاسرائيلي عليها ؟!
للوهلة الاولى يرى المرء ان كلام أمير قطر فيه من النفس العروبي الشيء
الكثير، ولكن المتمعن في الخطاب ذاته ، ومع المقارنة له بالافعال لللأسف
يرى شيئا مخالفا وهو ما دعانا للكتابة عنه مؤجلين الكتابة عن مواقف
الرئيس ابو مازن الايجابية او غيرالايجابية.
ان دعوة الامير القطري لقمة عربية طارئة يشكر عليها رغم رفض الشارع
العربي الذي خاطبه لهذه القمم التي لا تاتي الا بقرارات هزيلة او بتعميق
للخلافات او تكون مجرد منصة لخطابات حماسية ملتهبة أو سمجة ليست ذات
مردود.
المثير في دعوة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني انها جاءت مقترنة برفضه
الضمني لتحرك الأخ الرئيس ابو مازن والعرب لاستصدار قرار من مجلس الأمن
بوقف العدوان على غزة ؟! وكانه يريد لهذا العدوان ان يتواصل ؟! أو كأن
قرارات القمة العربية التي دعا لها مجددا كانت ستجيش الجيوش بدءا من دولة
قطر فسورية فحزب الله وصولا الى الأردن ومصر لتحرير غزة والضفة بما يعني
انه لا حاجة الى الذهاب الى نيويورك ؟!
ان المهاترات على مستوى رؤساء الدول في ظل النار والحمم التي تقذف في
احضان شعبنا الصامد في غزة لا تجوز ، وان الاتهامات وأسلوب الغمز واللمز
في صفوف قادة هذه الدول ليس الا معول هدم للامة التي نتغنى مع أمير قطر
بالانتماء لها. .
بدلا من اختيار أفخم العبارات في وصف المجزرة في غزة كان الاحرى بأمير
قطر ان يطرد الممثل الاسرائيلي الذي لا يبعد مكتبه عن قصرة 300 متر فقط .
وبدلا من أن يثير في خطابه استخفافا يتحرك العرب الى مجلس الأمن لانه على
ما يبدو ليس ضمن الوفد كان الأولى به أن يدعو للحمة الشعب الفلسطيني
ووحدته بوقف التحريض والتمويل من طرفه لفئة فلسطينية ضد الأخرى فيظهر
بمظهر رجل الدولة لا الفصيل، وليعلم أن لا دولة محصنة من المعارضة أو
الانقسام أو الانقلاب ولكن الحكيم من يتحاور مع شعبه ويمنحه الديمقراطية
والحرية بلا تمييز .
أمير قطر الذي اعتبر الحصار الاسرائيلي لمدة ثلاث سنوات جاء ردا على
خيارات الشعب الفلسطيني بالديمقراطية ، وكانه يشير لموافقته المستترة على
واقع الانقلاب الدموي والانفصال في غزة الذي قادته حماس كان أولى به وهو
الحريص على علاقاته المتينة والمتميزة باسرائيل ان يبلغ ذلك للرئيس
الاسرائيلي او "ليفني" اللذين زاراه في قصره مؤخرا، أوربما كان الأفضل أن
يفعل ذلك قبل 3 سنوات أصلا.
وبدلا من ان يعتبر ما يفعله الاسرائيليون في غزة جريمة حرب ويكتف يديه
بلا عمل كان الأحرى وهو العروبي كما يحاول أن يظهر ان يوقف جريمته هو عبر
فضائيته المشبوهة التي ما فتأت تتحول من اداة اعلامية نزيهة الى اداة
تحريضية مسيسة لمحور في المنطقة ليس لها الا هدف واحد فقط هو تفتيت وحدة
هذا الشعب المنكوب بأمته، وقطع آخر شريان ما زال ينبض في جسد الأمة
العربية .
فبدلا من أن يجمع يقوم بإحداث
الفرقة ، انه الشخص الذي يشكك بخطابه بوصول المساعدات مباشرة الى أهلنا
في غزة فيلقى بسهام عديدة ومباشرة الى السلطة الوطنية والى مصر ، وربما
كل ذلك ليبرر مسرحية طائراته المحملة بالمواد الغذائية-وليس الأسلحة
للمقاومين- التي أوصلها مباشرة الى تل أبيب لا عبر مصر ، وكانه يقدم دواء
كحة ليد السياف الإسرائيلي الذي سيهوى على رقبة الضحية الفلسطيني قائلا
له اعطه دواء الكحة أولا قبل أن تقتله .
لا باس بأمير قطر ان يعتقد بنفسه زعيما جديدا للأمة ، فلكل ان يرى بنفسه
ما يريد . لا سيما وان الزعامة أصبحت لا تقاس بمواصفاتها القديمة
والكلاسيكية وانما اصبحت مرتبطة فقط بعاملين لا ثالث لهما الاول الدعم
المالي والثاني اقتناء الفضائية المسيسة أو الفضائحية جيدة التمويل.
ولكن أن يلقى علينا بالتهم او الغمزات واللمزات وهو المسربل بالخطايا
فهذا ما لا يقبل لا منه ولا من محور (الممانعة) الذي اشبعنا كلاما
وتنظيرا وخطابات حماسية، ونراه كغيره يقف متفرجا من البعيد على ذبح
اطفالنا وشيوخنا ووطننا، شسرائيل فازت بالإبل.